الخميس، 11 يونيو 2020

الدرس الفلسفي بالمغرب.

-                              الدرس الفلسفي :

يهدف هذا السؤال إلى ابراز المكانة التي يمكن أن يلعبها تدريس الفلسفة بالمغرب.
فالدرس الفلسفي داخل مادة الفلسفة ، هو عبارة مواقف فلسفية ، و مفاهيم تسمح للتلميذ من باستغلال إمكانياته الفكرية ، و ليقف على أسس التفكير السليم و المعقلن ، و هنا أستحضر قول " رينيه ديكارت" حين قال: « و كنت أبغي بعد ذلك أن أوجه النظر إلى منفعة الفلسفة و أن أبين أنه مادامت تتناول كل ما يستطيع الذهن الإنساني أن يعرفه. فيلزمنا أن نعتقد أنها هي وحدها تميزنا من الأقوام المتوحشين و الهمجيين ، و أن حضارة الأمم و ثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها»
   وهكذا فالدرس الفلسفي ينتظر منه أن : يخلص الفكر المغربي من رواسب و موروثات تحمل في جوفها أفكار جاهزة و مسبقة ، أي تخليص الفكر من كل أحكام القيمة. كما أن هذا الدرس يتوخى تكوين الكائن الإنساني و خصوصا المغربي حتى يتمكن من مواكبة عالم الحضارة و متطلبات الوقت الراهن في نفس الوقت يهدف هذا الدرس منح الكائن المغربي انماطا من السلوكات الهادفة التي تؤهله إلى خلق فكر منسجم مع ذاته و ما يدور في واقعه اليومي .
يتضح بأن الدر الفلسفي بالتعليم الثانوي اليوم ، يراهن على مجموعة من المساعي و الغايات. فالمرحلة الثانوية تشكل بالنسبة للتلميذ نقلة نوعية في تطوره الشخصي و الدراسي. و من تم كان على المهتمين بالتربية ، سواء على المستو الرسمي أو غير رسمي و ضع معالم واضحة . و تحديد أهداف معرفية ، و بيداغوجية ، و نفسية ، واجتماعية ، لهذه المرحلة الانتقالية و يمكن إبراز مجمل الأهداف في:
  •        تحقيق شخصية منسجمة و متكاملة لدى التلميذ ، و تأمين تطوره الشخصي بشكل متوازن و سوي.
  •           الإسهام في منحه وعيا مطابقا بواقعه الاجتماعي الوطني و القومي.
  •          إعداده لمواجهة الحياة العملية ، أي تهييئه للاندماج الاجتماعي و الثقافي ، و المهني في الوسط الذي ينتمي إليه.
  •      تأهيله علميا و فكريا لمواصلة تعلميه حسب قدراته و إمكانياته من جهة ، و من جهة أخرى حسب أسبقيات المجتمع. إذ يراهن الدرس الفلسفي على تكوين شخصية بهاته المواصفات ، فإن حضوره سيشكل الجذر و الأساس الذي يتكون بفعله امتلاك المتعلم للكفايات المعرفية و المنهجية و القيمية المستهدفة . أي أن المواصفات المنشودة تجد في الدرس الفلسفة أرضية خصبة لتكونها ، و نموها و نضجها و روسخها . ففي طبيعة الدرس الفلسفي ، و في خصائصه و منطقه ما يبرر ذلك و يدل عليه . و نستحضر بإيجاز ما يلي:
  •      إن درس الفلسفة هو درس تفكيري ، يكسب المتعلم ( المواطن) قدرات عقلية ، تكون لديه استعدادا لممارسة أفعال السؤال و الشك و الحجاج و النقد ، و هي أفعال تؤسس فكر التحليل و التركيب و التقويم و الإبداع.
  •            إن درس الفلسفة هو درس تحديثي ، يساهم في تطوير نوعية الثقافة  المدرسي ة و الجامعية ، لدى المتعلم و الطالب ، و يفتح أمام تكوينهما المعرفي مسلك التنوير و العقلاني ، و هما جزءا لا يتجزأ من كل حداثة منشودة.
  •          إن درس الفلسفة هو درس هو درس منهجي نقدي ، ينير الذات في التعامل ومع القضايا ، و مع ألآخرين و مع قضايا العالم المعاصر ، الذي تتسارع ثقافته و معلوماته ، و تتجه إلى الهيمنة على العقول و الأفكار.
  •           إن درس الفلسفة هو درس القيم و المبادئ تؤسس ثقافة حقوق الإنسان ، و تنعشها ، و تشيعها و ترسخ التربية عليها تفكيرا ، مثل تكوين روح المواطنة و الديمقراطية و التسامح و الاختلاف .
هناك إذن علاقة تكامل و ارتباط عضوي بين ما يميز درس الفلسفة ، و من جهة ، و بين ما تستهدفه العملية التربوية من مواصفات في شخصية المتعلم . و قد يسمح هذا الارتباط بالقول : إن درس الفلسفة هو نقطة ارتكاز كل اصلاح تربوي تعليمي يستهدف الأفق التحديثي التنويري ، الذي يميز الخطاب الإصلاحي الراهن ، في حقل التربية و التكوين بالمغرب . فلا ابداع ، ولا مبادرة التعلم الذاتي ، ولا تجاوز للتلقي السلبي . و لا قدرة على امتلاك اسلوب الحوار ، و لا اكتساب لثقافة المواطنة والحق و الواجب و ال ، تسامح و الاختلاف و الديمقراطية بدون درس فلسفي...
إذن درس الفلسفة يجعل المتعلم قادر على استيعاب و امتلاك القدرة على التصرف و اتخاذ القرار.
 كما أنه يتميز بخطاب نقدي يتيح للمتعلم إبداء الرأي و حرية الاختيار حيث ينمي قدرته و كفاياته على مجموعة من المستويات.