الخميس، 11 يونيو 2020

التوجيهات التربوية و البرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي 2007

ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذا المنهاج المعتمد حاليا في الاشتغال الفلسفي ، قد عرف انطلاقته الفعلية في نونبر 2007 ، تحت إسم " التوجيهات التربوية و البرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي".

من خلال إطلاعي على هذا البرنامج الذي نحن بصدد الاشتغال عليه ، هو استمرار نفس الأهداف المسطرة تقريبا في المنهاج السابق ، مع إضافة الكفايات التكنولوجية بإمتياز ، لذلك لابد للدرس الفلسفي أن يراعي هذا المعطى أكثر من غيره من الدروس.

لكن الملفت هو حضور مفهوم "الكفايات" بقوة في هذا المنهاج ، وكـأننا أمام نسخة طبق الأصل للبرنامج السابق (1996) ، إذ يتعلق الأمر بتحويل فعل التعليم إلى فعل مساعدة وتيسير لفعل التعلم الذي ينبغي أن يقوم به المتعلم بنفسه (تعلم ذاتي) ، من خلال جهده الخاص ، و تعبئة طاقاته الذهنية و الوجدانية .و استثماره للوسائل و الموارد التي يجب أن توضع بين يديه. يتعلق الأمر بتكوين على الفعل الذهني و الجسدي ، و على الاستقلال ، و القدرة على التصرف أمام وضعيات جديدة لا تقبل الاستدعاء الآلي لمكتسباته السابقة ، وإنما تقتضي الانتقاء و التنظيم و التخطيط و استقصاء مختلف الحلول الممكنة .باختصار يتعلق الامر بتنمية الذكاء و المبادرة والاختيار و المسؤولية.

نخلص من خلال سرد ما جاءت به التوجيهات الرسمية لمنهاج الفلسفة سواء تعلق الأمر ب (1991- 1996-2007) أن الثابت لحد الآن هو اعتماد مبدأ التدرج و الانتقال من البسيط إلى المركب في تدريس مادة الفلسفة،في حين نجد أن الاهتمام بالمفاهيم في منهاج 1996 ، كمحتويات ومضامين و منه يتضح أن هذا البرنامج ليس استنساخ لما قبله ، رغم تقاطعه معه في العديد من النقط المشتركة بالأهداف الإسترتيجية و التواصلية و المعرفية ، التي تجاهلنا تكرارها في هذا الموضوع ، لكن أثرنا التركيز على مفهوم جديد كل الجدة و هو "التعلم الذاتي" الذي يحاول ترسيخه المنهاج الجديد ، عبر خلق مواطن مسؤول قادر على إستدماج مكتسباته المعرفية السابقة في وضعيات جديدة. أي إكساب المتعلم مجموعة من اليات التفلسف (المفهمة-الأشكلة-المحاجة) و العمل بالوضعيات المشكلة و غيرها من الإجراءات التي ليس موضعها هذا الفصل ، إذ سنتطرق إليها بشيء من التفصيل في فصول أخرى قادمة.

ولكن كما يقال دائما "لكل جواد كبوة" فإن هذا المنهاج بدوره معرض لتساؤلات تطرح نفسها بإلحاح ، لكن هاته المرة ليست الفلسفة هي المعنية بشكل رسمي ، حتى وإن كانت جزء لا يتجزأ من المنهاج ، و إنما النظام التعليمي برمته "نموذج تدريس الفلسفة بالمغرب"

فالأمر يسوء يوما بعد يوم ، فبالرغم كل المجهودات المبذولة و التي تبقى عقيمة إلى حد كبير ، على المستوى التنظيري ، و ما يؤكد هذا احتلال المغرب الصفوف الأخيرة في الترتيب مقارنة مع دول لا تعرف الاستقرار ( فلسطين مثلا) .فأين يكمن الخلل إذن ؟ هل في السياسة المتبعة في التعليم ؟ أم أن الأمر يتعلق بقطاع غير منتج و بالتالي لا أهمية تولى إليه ؟ هذا من جهة ، أم من جهة أخرى فدرس الفلسفة يتسم بالانفتاح و حرية التعبير و الاختلاف و تقبل الآخرين كما يروج في المقررات و البرامج الرسمية. إلا أن الواقع شيء أخر ، فهل نصدر حكم قيمة على أن الدرس الفلسفي في المغرب لازال يتخبط خبط عشواء بين الأهداف المعلنة و واقع الحال ؟ أم أنه حكم سابق لأوانه يحتاج إلى مزيد من تعميق البحث و الوقوف على مكامن الخلل؟و ماهي السمات العامة للدرس الفلسفي بالثانوي؟